كثيرين من المنتمين لجماعة الإخوان-التي اشرف بالانتماء اليها- أصبح من المستقر لديهم أن كل ما يكتب في وسائل الإعلام المقروءة أو يقال في المسموعة أو المرئية عن جماعة الاخوان خاصة وإن كان فيه نقد لهم هو مؤامرة من المتربصين بالجماعة الذين يحاولون شق صف الجماعة وإثارة الفتنة داخلها أو أنها تكهنات لا صحة لها أو أنها من مصادر موثوقة أو ان مصدرها أناس كانوا بالجماعة ثم تركوها ويسعون لتشويهها وفضحها او افراد من الاخوان "مش فاهمين صح" او "عندهم حب ظهور" يخرجون ويصرحون بهذا النقد علنا بدلا من ان يطرحوه داخل الجماعة
وفي الحقيقة أنه بسبب هذه النظرة التي لا ارفضها كلية او اقبلها كلية-والتي سأفندها في السطور القادمة-تسببت في أن لايلقي أفراد الإخوان بالا لأي مقالة أو خبر ينقدهم
وتأتي التبليغات لقواعد الإخوان بعدم استقاء معلوماتهم إلا من مصدرين الموقع الرسمي للجماعة والمسئول المباشر
ونتج عن ذلك حالة مستقرة لدي الكثيرين ممن تعاملت معهم-واحترمهم-وهي قلة الاطلاع علي المقالات التي تنقد جماعة الاخوان او تهاجمها او تطلب منها تغييرا معينا
ولعل سبب قلة الاطلاع هذه اما :
1-التشكيك في اصحاب هذه المقالات او الافكار ودوافعهم
2-عدم الرغبة في شغل الاذهان بالشبهات خشية ان تشغلهم هذه الامور وتشككهم في جماعتهم
3-عدم وجود وقت الا لتصفح موقع واحد او موقعين علي الأكثر بالتالي اغلب المعلومات تستقي من الداخل التنظيمي فقط
4-تحت مبرر أن الأولوية للعمل وليس للجدل
وحينما جاءت الأزمة الأخيرة أحدثت عملية من الخلخلة لدي الكثيرين منهم
ظهرت في حالة صمت وترقب عند الكثيرين
لكنها وللأسف تحولت ايضا الي حالة من الخروج عن قواعد الأخلاق لدي البعض وظهر ذلك جليا في التعليقات علي مواقع الانترنت والتي تباري فيها"بعض " الاخوان في توجيه السباب-مخالفين بذلك مبادئ الجماعة- لمن يهاجم مكتب الارشاد او قيادات الجماعة دون ادني خجل او اعتبار لمعايير الأخلاق
وساهمت هذه التعليقات باغتيال معنوي كما اسماه البعض للعديد من الأقلام المحترمة من وجهة نظري
الإمام البنا لم يعترض علي النقد العلني
ذكر لنا مرة الاستاذ مصطفي كمشيش موقف حدث بالفعلفي الثلاثينيات من القرن الحالي كان هناك مجلة يكتب فيه الامام حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين هي مجلة الدعوة
وأرسل أحد القراء رسالة للمجلة يسأل فيها الامام حسن البنا عن مصدر دخله ومن اين ينفق علي نفسه
فقامت الجريدة بنشر الرسالة في عددها وتم توزيع المجلة ونشرها
وفي الاسبوع التالي قام الامام حسن البنا بارسال الرد الي المجلة بمنتهي الوضوح موضحا مصادر دخله دون ان يوجه للسائل اي يوم او عتاب او لفظ
وكذلك المجلة لم تخف أو تخشي او تعتبر انه من العيب ان ينشر انتقاد او تشكيك في الامام البنا علي صفحات مجلة الدعوة
لم تعتبر الجريدة وقتها ان نشر شيئا كذلك ربما يحدث تشويشا داخل الجماعة مثلا
لانه ببساطة طالما لدي الجماعة اليات واضحة للرد وللتوضيح والنقاش في الافكار فلا مانع من ان يقول الجميع ما يشاء في اطار الاحترام والاخلاق
هكذا كان يفكر الامام البنا رحمة الله عليه
وشتان بين هذا وبين السياسة التحريرية لموقع الاخوان الرسمي والذي اناشد الفضلاء القائمين عليه فتح باب ولو حتي باب فرعي "بعنوان نقد الاخوان"
اعلم انكم تقولون ان المواقع الرسمية تتبني وجهة نظر الجماعة
لكن صدقوني لن تضاروا في شئ اذا وضعتم "بوكس" صغير بعنوان نقد الاخوان
ولتعلنوا فيه بصراحة ان الاراء التي بداخله لا تعبر عن راي الجماعة اذا اردتم
لان هذا القسم سيكون له فوائد ساذكرها في هذه التدوينة
بالتاكيد فإن لكل كيان او تنظيم مساحة من الخصوصية في بعض الأمور التنظيمية الدقيقة
لكن المشكلة من وجهة نظري ان البعض لا يفرق بين هذه المساحة الصغيرة والتي غالبا ما تتضمن اسرارا ادرية بحتة في مستويات مختلفة وبين نقد الافكار والوسائل التي تشمل الجماعة كجسم كامل وككل فهو لا يندرج تحت بند الخصوصية اطلاقا من وجهة نظري
فوائد النقد العلني المهذب
1-ايجاد مساحة لدي ابناء الصف لطرح الرؤي حول تطوير الجماعة والاطلاع علي افكار باقي الاعضاء بسهولة ويسر دون انتظار للتعقيدات التنظيمية التي يصل فيها الاقتراح للقيادة بعد شهورلكن النقد العلني يوسع مساحة الترابط بين افكار التطوير للجماعة
فلو افترضنا الاعتماد الكي علي التنظيم في النقد فكيف لي أن اعرف فكرة قالها أحد الاخوان في اسوان مثلا الا بعد شهور
2- تنمية العقلية النقدية لدي شباب الجماعة ليصبح لديهم القدرة علي تحليل الأفكار والانتقاء منها ونقل الافكار من هنا وهناك
بدلا من عقلية تلقي وجهات النظر المعلبة والجاهزة والتي ياخذها الفرد علي انها من المسلمات
للتوضيح : لو افترضنا انه علي مستوي اداري تنظيمي عالي مثل مكتب الارشاد كان هناك نقاش حول قضية معينة وكان فيها رايان متضادان وهذه القضية لم تصل لقواعد الجماعة ولم يعرفوا عنها شئ وانتهت القضية بتغليب راي غالبية علي راي اقلية
فينزل لقواعد الاخوان ان الاخوان قرروا كذا كذا (راي الاغلبية) دون توضبح للراي الاخر صاحب الأٌقلية
وفي هذا حرمان للقواعد من ان يفكروا في الخيارين ويعبروا عن موقفهم ...ومن ثم مع اول انتخابات يختاروا من يعبر عن مواقفهم هذه
لكن الوضع الحالي في جماعة الاخوان ان القواعد لا تعرف ماذا يتم مناقشته
ولا تعرف حتي القرار الا بعد فترات طويلة
وحينما ينزل تبليغ للقواعد يهمل ان يقول انه كان هناك اراء متعددة واخترنا كذا ولكن غالبا يتم توصيل القرار النهائي فقط
وحينما تاتي انتخابات لا يعرف القواعد علي اي اساس يختارون لانهم لا يعرفون اصلا ماذا يناقش في المستويات الاعلي
ولا يستطيعون الاختيار بناء علي من يمثل موقفهم ولكن ربما بناء علي معايير احادية مثل الجانب التربوي فقط بغض النظر عن الجانب الثقافي او وجود رؤية وما الي ذلك
3-من فوائد النقد العلني ايضا تعليم افراد الجماعة تقبل النقد الذاتي بصدر رحب وبدون تشكيك في المنتقد وبدون النظر في نواياه فالحكمة ضالة المؤمن لو وجدها عندها شخص متربص حاقد نفعي فاسد لابد عليه ان ياخذها منه فالجماعة اصبح المهتمين بها من خارج الاخوان كثيرون وبالالاف واصبحت الجماعة شأنا عاما للمجتمع كله واصبحت مواقفها وافكارها محل نقاش مفتوح للجميع
4-من الفوائد ايضا ...اشراك المجتمع في التفكير معنا
فمن الوارد جدا ان تخرج فكرة من فرد لا ينتمي للاخوان تسهم في نقلة للجماعة خطوات للامام
ولان هذا الشعور بالمشاركة معنا في الهموم والمشاكل يصب في مصلحة الجماعة التي تدعو الي ارشاد المجتمع والانفتاح عليه
5-النقد العلني يرسي ويؤكد بشرية الجماعة ويحارب حالة القداسة التي يحاول البعض بدون قصد رسمها للجماعة او لقيادتها وكانهم لا يختلفون لانهم ربانيون او انهم لا يخطئون لانهم شوريون
فقد يحدث الخلاف ولا ينتفي الربانية كما قد يحدث الخطأ رغم حدوث الشوري داخليا لانهم بشر في النهاية يجوز لنا انتقادهم بأدب والاعتراض في اطار الحب والحرص علي الخير
6-ان تقبل الجماعة للنقد العلني بعيدا عن التقديات التنظيمية سيخرج ويحفز العديد من الطاقات داخل الجماعة التي لا تستطيع توصيل صوتها بسهولة او تخشي الاعتراض علي شئ فيتم تفسير ذلك علي ان هذا الشخص"مفتون " او "تثاقلت عليه اعباء الدعوة فلجأ الي اثارة المشاكل" وما يتبع ذلك من ابعاد عن دائرة القرار والسبب انه ينتقد الجماعة بشدة
علي الرغم من ان هذا الشخص ربما يكون من اكثر الحريصين والمحبين للدعوة والخائفين عليها
7-النقد العلني حينما يعترف به من الجماعة بوضوح سيرسي للجميع قاعدة التعايش مع الافكار وتقبلها
بدلا من اقصاءالافكار-بدون قصد او تعمد-تحت ظن ان ذلك حماية للدعوة واستقرار لها واكثر تركيزا لصانعي القرار فيها
لا شك انني احترم الشوري تماما
واقدرها
لكن في كل نظم العالم الديمقراطيةومن قبل ذلك كله في عصور الاسلا م يكون هناك ممثلين لكل الافكار في كل مراكز صنع القرار وبالطبع تختلف النسبة بين اقلية واكثرية ولا بد ان تحترم الاغلبية وتعمل الاقلية علي محاولة نشر افكارها اكثر وكسب مؤيدين اكثر حتي تصبح اكثرية دون ان يمنعها احد من التواصل او الدعوة لافكارها طالما كانت الاقلية ملتزمة في القرارات التنفيذية براي الاغلبية
8-النقد العلني يساهم في وجود شفافية اكبر للمؤسسة ويضع المؤسسة تحت رقابة المجتمع كله
ويحميها من الاخطاء الادارية التي لو ظلت في الداخل لتم تجاهلها من باب ان هذا العمل تطوعيا
وكان الاحسان ليس مطلوبا في الاعمال التطوعية
وكان الاعمال التطوعية يقوم بها ملائكة اكبر من الخطأ
بالتأكيد اختلف مع ذلك
في النهاية لا يفوتني التأكيد علي عدة نقاط :
1-انني والله أغير علي الإخوان غيرة لا يعلمها الا الله واحبهم ان يكونوا في احسن وابهي صورة دوما كعادتهم
2-ان النقد العلني للاخوان حين امارسه مع اصدقائي الغير منتمين للاخوان واوضح لهم سلبيات وايجابيات الاخوان اكسب احترامهم للاخوان ولفكرهم اكثر بكثير من سياسة الدفاع المستميت وتجاهل العيوب ...واشعر بعدها انهم لا يتعاملون معي بتحفظ ولكن بانقفتاح وصراحة ولمست ذلك من الكثيرين سواء في عالم الاصدقاء او الانترنت
3-ان النقد العلني للاخوان يخرج اجيالا لديها القدرة علي التفكير والتحليل وهؤلاء تحتاجهم الدعوة في التعامل مع المجتمع اكثر بكثير من المسالمين الصامتين
4- ان كل ما قلته لا يتنافي من ان الاولوية الاولي هي للعمل وان يؤدي كل انسان دوره ...لكن ايضا الفكر يوجه العمل في الاتجاه الصحيح ويصوبه باستمرار
وفي ظني ان الأزمة الأخيرة قد أفادت الجماعة كثيرا وجعلتها تضع يديها علي العديد من العيوب
املين من الله ان توفق في اصلاحها والسير قدما للامام باذن الله
6 comments:
تدوينه مهمه
ولكن المهم وجود برامج وأساليب تربوية لتربية القواعد على النقد العلني الذي يعتبر جزء من برنامج الإنفتاح على المجتمع والتعايش معه
فتح مجال للنقد العلني علي اخوان اون لاين
توصيل افكار المختلفة التي تناقشها القيادات لقواعد الاخوان
افكار جيدة اري تطبيقها من الواجب
ولكن
اشعر ان العزلة التي يعيشها الاخوان تحتاج الي اكثر من هذا كدراسة ونتائج
هو دة الكلام الى احنا محتاجينة
اتمنى الاستمرار
يعطيك العافية
موضوع جميل
nice blog
Post a Comment